تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
القطة والعندليب
صادت القطة يوما عندليبا…
نشبت مخالبها
في جسمه الغضّ الطريّ
داعبته بحنان
ثم قالت :
- أيّها العصفور
يا روحي الحبيب
سمعت عن صوتك وغناك
قارنوا شدوك المزعوم
بمشاهير الغناء
زعموا أن الغاب دونك
خراب وفناء
ثم قد حكى لي عنك ثعلب وقال :
ان في حلقك سرا خطيرا
وان الخلق أجمعين
منشرح القلب, وذو القلب الحزين
ينشدون أغانيك العِذاب
راعيات ورعاة,
جثموا عند الشجر
لما شدا صوتك
ولهذا يا صديق
أمسى بالقلب حريق
ونال الشوق مني
لسماع الأغنيات
انبسط يا صاحبي
لست اكلك باغية
إنك اليوم طليق
إن أجدت في الغناء.
وسأترك لجناحك المفرّد
أن يجول في الغابات مغرّد
إن أجدت في الغناء.
فنحن يا صاحبي السميع
نلتقي في الذوق الرّفيع
وحبّك الموسيقى مثلي
لك عندي, نعم الشفيع
فإنني أحيا في الحياة بمعنى
أطرب النّفس إذا نمت
وأدندن للصحو بمغنى.
سمع العندليب وأضناه السّماع
وهو بين المخالب
يجاهد النفس
والرّعب يغالب.
تابعت القطّة قولها
- علام تراك لا تغنّي
أم تراك – النفس – بخداعي تمني ؟
غنّ الآن..غنّ.
وإلا صار لحمك لي طعاما شهيّا.
أذعن العندليب خوفا من منيّة
وكان صفيرا ما غنّى…
غاب الصوت عنه, لهول الرزيّة.
- ألهذا الصوت, كال الثعلب المكّار بالمديح ؟!
قالت القطة ساخرة من الصوت الجريح.
أين منك ما حكوا من نقاوة
أين بصوتك الشدو, أين العذوبة
أين ما شدت به كلّ البريّة
صوتك سخف وقبح
صوتك بدء المنيّة
أم تراه خلف الريش لحمك
أكثر نفعا وعذوبة ؟
وكيف تراه – تحت السن – عظمك
ثم كيف تراه يزقزق في البطن, حين هضمك ؟
ثم إليها جذبته
وبأنيابها
مزّقت لحمه.
أتراني أحتاج مزيدا من الوضوح :
كي أقدّم للكلّ شروح.
كم سخيف ومغالب
من رجا شدو العنادل
وهي ما بين المخالب.