التراث الوطني الأردني الشعبي
* د. محمد محمود العناقرة
الفن موهبة أساسها إحساس الفنان ، وقدرته على إبراز انفعالاته في الحياة ، واستجاباته لوحي الطبيعة في صورة رائعة حية جميلة تحدث في نفس الإنسان ومشاعره لوناً من النظام والتوازن والانسجام.
والفولكلور مرآة للحياة الشعبية أو تصوير لها ، فالأعمال الأدبية والفنية الشعبية لا تنبت من العدم ، والفنان والكاتب والشاعر يؤلف ويصور تبعاً لتجاربه ، ومعرفته ، وانفعالاته ، فيعدل بالحذف والإضافة وفق ميوله ، والزاوية التي ينظر من خلالها.
أما الأدب الشعبي فيقصد به عادة الفولكلور الذي يعتمد على الكلمة فحسب ، والمتمثلة في الأغاني التي تتردد في المواسم والأفراح ، والأتراح ، والمثل السائر ، واللغز ، وفي النداءات المسجوعة والمنظومة على السجع وغيرها ، وفي النكتة والنادرة ، وفي الأساطير التي تقصها العجائز ، وفي القصة الطويلة وفي التمثيليات التقليدية.
ولا ينسب الأدب الشعبي إلى طبقة معينة أو فئة اجتماعية بعينها ذلك أن النسبة إلى الشعب تعني مجموعة أفراد الأمة بمختلف طوائفها وطبقاتها.
والأدب الشعبي هو ذلك الأدب الذي يصدر من الشعب ، فيعبر عن وجدانه ويتجلى فيه روح الشعب وشخصيته الحية ويمثل فكره ، ويعكس اتجاهاته ، ومستوياته الحضارية.
ويقدم الأدب الشعبي لكل فرد من الأفراد الأمة دون تميز بينه وبين غيره من حيث الطبقات الاجتماعية ، أو الدرجة ، أو الثقافة ، أو الحرفة المهنية ، أو أي فارق آخر ، وعلى ذلك يصبح الأدب الشعبي هو ما يقبله هؤلاء جميعاً ، ويجدون فيه غذاء وجدانهم ، وتعمير قلوبهم.
لذا فإن أدبنا الشعبي الذي يتردد في مجتمعنا الحالي ، إنما هو ميراث أجيال وقرونْ طويلة تمتد جذورها إلى القدم.
أما الأغاني الشعبية فهي ركن من أركان علم الفولكلور ، وهي قصيدة شعرية ملحنة ، تعتمد موسيقاها على السماع ، وليس على النوتة الموسيقية المكتوبة. وتتميز الأغنية الشعبية "النص الشعري مع اللحن الموسيقي" ، أنها تتعدل وفقاً للظروف التي يمر بها المجتمع والأفراد ، وترتبط بحياة الناس ، وتتصل بعاداتهم ، وأنماط حياتهم ، وتتخذ من أجل تحقيق الغايات المنشودة أشكالاً عديدة ، وقوالب كثيرة يرتبط بعضها ببعض لتحقيق الوظائف النفسية والاجتماعية والثقافية. وقد تظل الأغاني موجودة ، ويكتب لها الدوام طالما كانت المناسبة الاجتماعية موجودة.
هنالك ألوان عديدة للغناء الشعبي من حيث الأصالة ، وتأثير البيئة والأصول المراعاة في الغناء. وربما كان القصيد والهجيني والحداء أكثر ألوان الغناء أصالة ، فلها أصولها الفنية ، وموضوعاتها التي تختص بها ، في حين تعتبر الدلعونة والموال أو الميجنا ، والأغاني البسيطة من ألوان الغناء الأكثر قابلية لاستيعاب الجديد والدخيل ، تتميز بقدرتها على مسايرة التطورات ، وربما ولدت هذه الألوان في القرية ، في حين ولدت الألوان الأخرى في البادية.