قراءة في كتاب (تجديد الذات: الفرد المبدع والمجتمع الخلاق) للمؤلف جون جاردنر/بقلم سلمى النجار
ترجم الكتاب فرح الربضي، وقد بلغ عدد صفحاته (175) صفحة من القطع المتوسط
تحدث الكاتب جون جاردنر في كتابه (تجديد الذات) عن تطوير الذات وتحديث المجتمع عن طريق انارة الدرب امام الافراد كي يبتعدوا عن الجمود ويقتربوا من الابداع وينصرفوا الى تجديد الذات بوسائل واساليب تنظيمة تستبعد المخاطر التي تتهدد فردية الانسان في المجتمع الحديث،وشدد جاردنر على عوامل ركود المجتمع وهموده وانحطاطه لينطلق من ذلك على تلمس السبل التي تعمل على تحديث المجتمعات وتبث فيها الحياة من جديد .
تناول جاردنر في الفصل الاول (نمو المجتمع وانحطاطه وتجدده) حيث اشار الى ان نمو المجتمعات وانحطاطها امر شائك ومعقد، ويعود ذلك لأن انماط النمو والانحطاط ليست واحدة في كل المجتمعات بل تختلف باختلاف هذه المجتمعات، ومن هنا فإن التجدد لا يتخذ صورة واحدة في المجتمعات المختلفة، وهذا الاختلاف والتنوع هو السبب في عدم قدرة البشر على رسم مسار محدد للنهوض في جميع المجتمعات، ومجمل القول ان نمو وانحطاط المجتمعات عملية معقدة للغاية، ولكن هذا التعقيد لا يبلغ درجة استحالة فهم الانسان لها.
ركز الفصل الثاني على مسألة (تجديد الذات) وبين ان عملية تنمية الاستعدادت والامكانات، واكتشاف الذات عند الانسان المجدد لذاته لا تعرف حدوداً ولا نهاية، وتنمية قدرات الذات تتطلب محاورة بين الفرد وبيئته، وليتحقق ذلك لابد للمرء من ان يقوم بحملة يفتح بها نفسه ويعرفها معرفة صحيحة ويحللها الى اقسامها ومكوناتها، وبهذا فانه يعطي لخبرته حياة جديدة تتوافر فيها كل مقومات القوة والمنعة.
تطرق الفصل الثالث الى (تعدد البراعات) : كشف جاردنر عن دور التربية في تنمية امكانات الفرد واستعدادته الى درجة يستطيع معها ان يعلم نفسه بنفسه، وينمي تنوعاً واسعاً من البراعات والمهارات فيساعده ذلك على مواجهة التحديات الطارئة ،ويعمل على بقاء الفرد واستمراره.
اشار الفصل الرابع الى جدلية (الخلق والابداع) عند جاردنر الذي قال فيه انه:"لا يمكن تقسيم الجنس البشري الى فئتين احداهما مبدعة والاخرى غير مبدعة " ويعود سبب ذلك من وجهة نظره لاختلاف درجات الابداع التي قد تكون( ضعيفة او متوسطة او عالية)، والافراد الذين يبلغون اعلى درجات سلم الابداع يشكلون قلة بسيطة، واغلب الناس ابداعاتهم معتدلة ونسبة كبيرة منهم لا تبدع في كل الجوانب وانما في بعض جوانب الحياة، وفي بعض الاوقات لا في كل الاوقات.
تحدث الفصل الخامس عن ابرز معوقات التجديد التي تمنع حدوثه كالعوامل العقلية التي تحول دون تجديد الذات والفكر والمجتمع، والممارسات التي تدعم العادات التقليدية وتنصر السوابق والامور المتعارف عليها.
وضح جاردنر في الفصل السادس نظرية(طغيان بلا طغاة) التي حددت الصيغ التي تعيق نمو الافراد والقوى العاملة، وتعمل على اضعافها وتقزيمها كالجهل، والمرض، وسوء التغذية، والاستبداد السياسي، والظلم الاقتصادي، والعبودية الاجتماعية التي تعيق نمو الافراد وتؤدي بهم الى الوهن والضعف.
طرح جاردنر في الفصل السابع (شروط التجديد) القائمة على حرية الاختيارات والاتصال والاحتكاك والتفاعل في المجتمعات الحرة المفتوحة التي تضمن اخذ الافكار الجديدة بعين الاعتبار والمقارنة بينها وبين الافكار القديمة حتى تتمكن من تبني الصالح منها.
تناول الفصل الثامن (وسائل تنظيم التجديد): اكد جاردنر في هذا الفصل على ان ابرز وسائل تنظيم التجديد هي: الاقكار، والقيادة الجديدة، التنظيمات التغييرية الواسعة البعيدة التي تعمل على تشجيع نمو الافراد وتنقلهم من الامكنة غير المناسبة الى الامكنة المناسبة.
تحدث الفصل التاسع عن(حدود الفردية واحترام ذاتية الانسان ومكانته)، واشار الى ان الفردية لا تكون من صنع الوراثة وحدها او من نتاج المجتمع وحده انما تأتي من خلال مجموعة من العوامل الوراثية والبيئة والتربوية والاجتماعية، وقد ركز جاردنر على احترام خصوصيات الفرد والابتعاد عن كل ما يتهدد فرديته ويضعف من قيمه ويحط من كرامته ومنزلته.
اشار الفصل العشر الى (الالتزام ) ووضح المسؤوليات التي يجب على الفرد ان يلتزم بها تجاه الدين والاحبة والمؤسسات الاجتماعية والنظام والتدابير الاخلاقية.
تطرق الفصل الحادي عشر الى موقف المجتمع من المستقبل من خلال العودة الى الماضي الذي لا يتجاوز حدود المنطق والمعقولية، وذلك بهف استنباط العبرة والمعرفة التي تساعد الافراد على فهم الحاضر والمستقبل لان الماضي هو مفتاح الحاضر والمستقبل.
بين الفصل الثاني عشر كيفية انحطاط الاخلاق وضرورة تجديدها من اجل ان تستمر المجتمعات من خلال تجديد وتطوير القيم والمعتقدات الفلسفية والاخلاقية والنظامية والاجتماعية وصون الحرية الشخصية للافراد.
وفي النهاية اقول ان جاردنر تمسك بمسألة تجديد المجتمع ككيان واحد يستطيع ان ينبعث ويتجدد باستمرار سواء نحو الصحة والسلامة او نحو المرض والانحطاط، والذي يصوغه ويتحكم فيه هم افراد المجتمعات المختلفة.