الأديب الأردني الراحل عيسى الناعوري
بقلم: عبد الرحيم جداية
لقد شكلتْ جهود الدكتورة جودي فارس البطاينة في تشكيل صورة متكاملة حول سيرة وشخصية المبدع والأديب الأردني عيسى الناعوري من خلال كتابها الصادر عن دار الوراق للنشر والتوزيع وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية عام 2010م إذ قدمت كتابها بعنوان عيسى الناعوري وجهوده في الدراسات الأدبية والنقدية.
والمتتبع لهذا الكتاب القيم حول شخصية عيسى الناعوري ودوره الأدبي يستطيع أن يضيف إلى عنوان الكتاب دور عيسى الناعوري في الترجمة والكتابة باللغتين الإيطالية والإنجليزية ، وعيسى الناعوري الذي لفت الانتباه إلى المهجر وأدبائه في شماله وجنوبه لهذا فإن عنوان الكتاب يستحق أن يكون عيسى الناعوري وجهوده في الدراسات الأدبية والنقدية والترجمة وأدب المهجر.
وذلك أن عيسى الناعوري المولود في بلدة السلط عام 1918م وينتسب إلى عائلة الدبابنة، والمنحدر من عائلة مسيحية أردنية تؤمن بالعروبة والوجود الأردني إذ يعد عيسى الناعوري من أبرز الأدباء الأردنيين الذين أسهموا في إثراء الحركة الأدبية وتطورها في الأردن فكانت إسهاماته الإبداعية في مجال القصة القصيرة والرواية والشعر والمقالة والترجمة والكتابة باللغتين الإنجليزية والإيطالية واسهامه في الدراسات الأدبية والنقدية.
رحل جد الناعوري من السلط إلى بلدة ناعور حيث عاش وأهله ولذلك لقب بعيسى الناعوري واسمه الأصلي عيسى إبراهيم سليمان المقبل الدبابنة، إذ كان من طفولته صاحب طموح يسعى إلى تحقيقه وكان صاحب رؤية واضحة وصبر وتصميم وإرادة للوصول إلى أهدافه الأدبية والعلمية رغم نشأته في أسرة فقيرة وتوفيت والدته بسبب المرض وهو في سن الخامسة عشر مما شكل عنده حزنا وانطوائية.
وبعد أن أنهى دراسته الابتدائية أدخله والده المدرسة الإكليركية في القدس والتي تعد الطلاب للرهبنة وذلك عام 1929م حيث كان في الحادية عشر من العمر، فاستفاد الناعوري من إقامته في الدير وحدد هدفه في تحقيق العلم والمعرفة وكان الأب إبراهيم فتّاح معلم اللغة العربية الذي شجع عيسى الناعوري على الكتابة وقراءة نصوصه الشعرية.
ونشرت أولى قصصه في مجلة ( رقيب صهيون ) عام 1932م وكانت بعنوان الجندي الباسل حيث ترجمها الناعوري عن الإيطالية وبعد أن انتقل من الدير عمل في القدس في المطاعم ثم اشتغل عند بائع متجول ورغم ذلك كان عيسى الناعوري سعيدا لأنه وجد حريته في استقلاليته وعدم التبعية المالية لأي كان لأن فلسفة الناعوري كانت تقوم على أن مقياس الإنسان بمقدار ما يؤديه من نفع عام.
تزوج الناعوري حين بلغ الحادية والعشرين من عمره من فتاة مقدسية اسمها إلين سابا زنانيري وأنجبت له خمسة أبناء وبنتين حيث عاش الناعوري في فلسطين ما بين القدس ورام الله وغزة 1929م إلى 1948م كتب خلالها في الصحف والمجلات العربية إذ نشرت أول مقالة له في مجلة الأديب حول نقولا زيادة بعدها عمل عيسى الناعوري على تأسيس وإصدار مجلة القلم الجديد.
أما أول كتاب أدبي أصدره الناعوري فكان عام 1950م بعنوان خليل السكاكيني أديبا ومربيا وذلك بعد نزوحه من القدس إلى بلدة السلط ومنها إلى بلدة الحصن في محافظة اربد حيث عمل مدرسا ومفتشا في المدارس المسيحية في الأردن وعمل موظفا في وزارة التربية والتعليم وفي عام 1976م عمل أمينا عاما لمجمع اللغة العربية الأردني وبقي في منصبه حتى وفاته حتى عام 1985م.
ترك عيسى الناعوري عددا كبيرا من الكتب منها المطبوع ومنها ما لم يطبع في القصة القصيرة، والرواية، والنقد الأدبي، والبحوث والدراسات، والتراجم والسير، وأدب الأطفال، والترجمات من وإلى اللغات الغربية، وتأليف الكتب المدرسية.
وأهم ما يميز الأديب الكبير عيسى الناعوري ثلاثة كتب كتبها باللغة الإيطالية وكتابان باللغة الإنجليزية وله مجموعة شعرية كتبها باللغة الإيطالية ولم تطبع.
شارك الناعوري في المؤتمرات والندوات العربية والدولية منذ عام 1956م في سوريا وفي الكويت عام 1958م وفي روما /إيطاليا عام 1961م وشارك في الذكرى الثلاثين لأبي القاسم الشابي في تونس عام 1966م وشارك في نفس العام في مؤتمر الدراسات العربية والإسلامية في إيطاليا، وشارك في العديد من المؤتمرات التي يصعب حصرها.
ونال من الأوسمة ميدالية وزارة الخارجية الإيطالية كما نال وسام الجمهورية الإيطالية عام 1964م ونال جائزة الثقافة ( الزيتونة الفضية في إيطاليا) ونال وسام الجمهورية التونسية عام 1966م وفي الأردن نال وسام التربية والتعليم من الدرجة الأولى عام 1977م ونال جائزة اليوبيل الفضي عام 1979م كما منح الدكتوراه الفخرية في الآداب في جامعة باليمرو سنة 1976م ونال شهادة دكتوراه في الآداب من الأكاديمية العالمية للفنون والثقافة في تايبيه في الصين الوطنية.
وقد ترك الناعوري قبل وفاته عام 1985م في تونس إثر إصابته نوبة قلبية فارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى في 3-10-1985م، ترك الناعوري حينها أربعة وأربعين كتابا مؤلفا مطبوعا إضافة إلى ثمانية كتب ألفت للتربية والتعليم ولأدب الأطفال وترك ثلاثة كتب مطبوعة في اللغة الإيطالية وكتابين مطبوعين باللغة الإنجليزية.
هذا غيض من فيض المنتج الإبداعي الأدبي للأديب الأردني الراحل عيسى الناعوري وللمزيد حول هذه الشخصية الفذة العودة إلى المراجع التي كتبها وكتبت عنه وأهمها هذا المرجع الذي استندت إليه في هذه المعلومات وهو كتاب الدكتورة جودي فارس بطاينة الصادر عن دار الوراق للنشر والتوزيع بدعم من وزارة الثقافة عام 2010م بعنوان عيسى الناعوري وجهوده في مجال الدراسات الأدبية والنقدية.