يقول الله تعالى بالآية 73 من سورة الحج :(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وبالتفكر بتلك الآية الكريمة يفقه ويتدبر المتفكر بها، ما أ أحتار أمامه جهابذة وعلماء الدين والطب ومختلف العلوم الإنسانية، حيث توضح الآية الكريمة أن الله يتوفى النفس الآدمية بحالتين: وهى نائمة وحين أجلها المسمى فيمسكها الله تعالى، وبذلك يكون الموت لتلك النفس وبه وفاة الملائكة للجسد والروح بأمر الله، فتقبض الروح ويموت الجسد، ويتجلى بختام تلك الآية الكريمة أنها آيات لقوم يتفكرون، ومعنى يتفكرون هو أن يكون تفكيرهم خاضع لعقولهم، فالتفكير بلا عقل عند الإنسان هو اقتران بتفكير الجان الذى يخلو من العقول، ولذلك فالكفرة لا يتفكرون بتلك الآية ولما بها من صرح لعلوم الحقيقة المطلقة فهم لا يعقلون، ويتضح عدم تعقل الكفرة بوجه أول عدم معرفة كنه العقل الإنسانى، ومن أكبر نواحى تكشف ضلالهم اعتقادهم الباطل أن كل ما يمثله الفكر الشيطاني من نبوغ وقدرات منفعية للشياطين هو العقل، والحقيقة المطلقة للعقل أنه صفات نورانية وهبها الرحمن لقلب الإنسان دون عن كل المخلوقات بالأرض، لتميز له حق كل ما تدركه جميع الجوارح وما يغيب عنها بيقين الحقيقة، وينشأ ظواهر عقلانية بالإنسان دون عن من سواه لتفرد وجود العقل به، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ينشأ الظواهر العقلانية من الضمير والقياس ومعرفة الزمان والمكان، والعقل يميز بيقين كل الغيبيات، بينما الجوارح لا تستطيع أن تميز الطعم ما لم تتذوقه، وتميز نسبى من شخص لأخر، ومن مادة لغيرها، ولا تستطيع تميز الأشياء الغير ملموسة، كصفات القلب العقلانية مهما وصفنا وحددنا، كصفة الحب لله ورسوله، فتذوق ما بها من نعيم وسعادة بالتميز العقلى لا يمكن أن يوصف، فأعلى تميز عقلى هو تميز وجه الله تعالى، هو الله أعلى الغيبيات بما لا تدركه الجوارح وبما ليس كمثله شيء، وذلك الشيء عند الكفرة يمثل معظم ما يعانى منه الكفرة من عدم تعقل وتخلف علمى حقيقي، فالشيء عندهم محصور بين المادة والعلم والمنفعة الذاتية، ولذا اتخذوا من العلمانية دستور وشرع لهم، وبما قد تم الإيفاء به بمجمل الباب الأول عن القرأن وعقل الإنسان، وقد تعرضت لنواحي قليلة من تخلف الكفرة العلمى من ناحية كون علومهم ضالة لخلوها من التعقل، أما عن معظم نواحى التخلف والجهل المعرفي لكثر من حقائق كونية مطلقة، فسوف أبينها بمشيئة الله تعالى بالباب الثالث من ذلك الكتاب، وقد تعددت الآيات القرآنية من قول الله تعالى الصادق العالم القدير، بأن الكفرة لا يعقلون ولا يعلمون، فحينما يقول مسلم لآخر موفد لحل مشكلة ما، أن أهم ما يحل تلك المشكلة أن كل شيء يجب أن يكون بالعقل، أو أستخدم الهداوة والعقل، وذلك مع مقصدهم الصحيح لكلمة العقل بكل ما تحمله من صفات العقل النورانية من لين وسكينة ومودة وبساطة وتواضع وقناعة وحب...الخ من صفات قلب المسلم العقلية النورانية، أما الوجه الثانى الواضح لما يعانيه الكفرة بعدم تعقل لهم، فهو خلطهم بين النور مع الظلام، وبين الطهارة والوضوء مع النجاسة والخبث، وبين الجنس وشهوة البهائم مع الحب والعقل بشطري الظاهر والباطن، وذلك موضوع رأس تلك المسألة، فالعقل الظاهر هو الفؤاد، وذلك ما أجمع عليه جمهور علماء شرح آيات الله، فحقيقة انه يوجد بقلوب كل الكفرة عقول، ولكنهم لا يعلقون بها، وذلك إما لعدم استخدامها، أو استخدامها بوجه باطل تعارضاً مع كينونة تميز كل حق باستخدام العقل، أى بشقي عدم تعقل الكفرة يوجد عدم استخدام للعقل أو لا تعقل، وبإيضاح أكثر فكلمة عقل مجردة ليست هى العقل الظاهر، والذى هو مرتبط بتعقل القلب، أو كلمة الفؤاد وبما تعنى القلوب التى تستطيع ان تعقل، وبما أجمع عليه علماء المسلمين، وبما بينه الخالق العظيم بقوله الصادق الحق أن الكفرة لا يعقلون ودون ذكر كلمة العقل، وعموما فالكفرة لا يعرفون تعقل لقلوبهم وهو ظاهر استخدام العقل بوجه حق، ولا يعرفوا من الفؤاد معلومة سوى أنهم يحبون بقلوبهم، وليس معنى ذلك إنه استخدام حق لصفة نورانية للعقل، بل لذلك الفهم بأذهانهم يؤازر عدم تعقلهم، وأذكر فقط توجهين لما يؤازر عدم تعقل بذلك، أولاً أنه ليس معنى ما يذكرونه بأن الحب يكون بالقلب نتيجة أن القلب يعقل، وإنما كثير منهم يعتقدوا أن العقل والعمل العقلاني ضد القلب، وأن الحب يتعارض مع العقل، حيث معنى الحب القلبي عند الكفرة يمثل أفحل الضلالات، وكثيرين منهم يعتقدوا الحب وهم أو مرض يتعارض مع رقيهم وعلمانيتهم، وله آلهة عدة تقذف بسهام الحب ممن تختارهم ليزنوا أو يتلاوطوا أو يتساحقا، أما الشطر الأخر المؤازر لعدم تعقلهم بذلك هو استخدام صفة الحب بوجه ضلال، فجميعهم يعنون بممارسة الحب ممارسة الشهوة البهيمية، ولذا فكل الكفرة لهم أفئدة منكرة وجاحدة لفضل الله، وليس لهم ظاهر من عمل عقلى فهم لا يعقلون، وهم بضلالة تفوق الجان والأنعام، فرغم أن الجان والحيوانات بلا أفئدة، فهم لهم قلوب لا تقسو ولا تبغض ولا تران بالظلمات، ولكثير مما يتخذه الكفرة بأفعالهم لما هو ضد كل عقل وتعقل بمفهوم حقيقته العلمية المطلقة، فبقلوبهم عقول ولكنهم لا يعقلون بها، وبالتفكر بالآية الكريمة 73من سورة الزمر فالنفس المتوفاة للرب سبحانه وتعالى مقترنة بالعقل رغم أن القلب هو الذى يعقل، لتتجلى رحمة الله بسيطرة العقل الباطن أثناء النوم لارتباط العقل الظاهر بالنفس المتوفاة لخالقها العظيم وبما يتبين بما أوضحه علماء الإسلام عن العقل الباطن، حيث يشوب علوم الكفرة لمفوهمهم عن العقل الباطن التخلف والجهل، ففضل الله ورحمته وكرمه لعباده وإحسانه لهم، أنه بوفاته للنفس بنومها، جعل العقل الباطن يحل مكان الظاهر، ليكون بذلك عدم إنهاء للآدمية والإنسانية لجسد وروح النائم، وما يكون به راحة تامة للعقول للسيطرة على عمل المخ وأجهزة الجسم المختلفة، فمن المهام الأساسية لعمل مخ الإنسان يكون السيطرة الكاملة على معظم أجهزة الجسم وتوجيهها مثل كل الجوارح، وكذلك السيطرة الجزئية على بعض الأجهزة مثل الكبد والكلى، إلا أنه لا سيطرة للمخ على ثلاث من العضلات وهى المعدة والقلب والحجاب الحاجز، وأرجع الكفرة عمل تلك العضلات للعقل الباطن، أسموها تمادياً بجهلهم عضلات لا إرادية فهم لا يعقلون ولا يعلمون فبرحمة من الله للعقول البشرية وللأنفس المستوفاة لعظيم جلاله، رفع الحساب عنها نوماً، فلا أفئدة بقلوب نائمة، او بقلوب لا تحملها أنفس، فالعقل الباطن رغم انه له دور حيوي كبير بعمل أجهزة الجسم إثناء النوم، إلا أن قدرة تميزه لكل حق غير موجودة، وبمعنى أن العقل الباطن لا يميز بين الحق وباطله، فالتميز للنائم والناشئ عن العقل الباطن تميز يشوبه الضلال، لنرى من أوجه تخلف الكفرة من وجهة ثالثة الاعتقاد بتعقل الحيوانات وإصابتها بالجنون، ويعتقدون أن الذهن الباطن للحيوان النائم هو عقل باطن، حيث أن ذهن الحيوان الباطن وهو فكر الحيوان أثناء نومه يفوق فكره باليقظة ويفوق قدرات أحدث الأجهزة التكنولوجية الحديثة، خاصة بما يعرف بالساعة البيولوجية عند نوم الحيوانات واستيقاظها والبيات الشتوي، وبما سوف أضمه بمسائل منفردة بمشيئة الله بالتفكر للآية42من سورة الزمر، ومن جهل الكفرة المطبق أطلقوا لفظ عقول اليكترونية على تلك الأجهزة، رغم أن من أخطر عيوبها أن ليس بها مجرد صفة عقل واحدة، حيث أن العقل الظاهر من خلال عمله النوراني بفرض سيطرة صفات النور القلبية بالممرات العقلانية التى تسمح بمرور تيارات نورانية لصفات القلب الإنسانى تكون بأكبر أطيافها القياسية بأوقات الاستيقاظ فجراً فيتمكن صاحبها من السيطرة وخضوع الفكر وجوارحه لها، وتلك الممرات العقلانية شبيهة بممرات التيار العصبي، وهى تساعد العقل الباطن أثناء موافاة النفس لخالقها أو أثناء النوم، وتزيد تلك المشاركة وجدان لفعاليتها بزيادة الأيمان ومدى ملأ القلب بصفات النور، ليصل العقل الباطن عند الأنبياء والرسل وتكون بحالة انطباق تام مع وجود عقلهم الظاهر باليقظة، فبفضل من الله تعالى ورحمته، لا فرق بين العقل الظاهر والعقل الباطن عند الأنبياء والرسل، ولذلك فرؤية الأنبياء والرسل أثناء منامهم حق، والحقيقة أن اكتشاف العقل الباطن وحقائقه العلمية يرجع للدراسات الإسلامية لعلوم المكاشفة قبل اليونان بدهور عدة من الزمان.، وببعض حالات الإصابات المخية يمكن أن يظهر العقل الباطل مع اليقظة بمن يمر بتلك الإصابات، بحيث يكون بحالة شرود ذهني كبير وكأن نفسه نائمة، وعند محاولة الربط ذهنياً بذلك الفكر الشارد والبحت يكون خالي من سيطرة صفات القلب العقلانية، وإذا تدارك العقل الظاهر ذلك الموقف فهو شرود لحظي وليس إصابة مرضية حيث بتجلي العقل الظاهر ليفند باطل ما أوحى به العقل الباطن، وأنه يكون مداعبة أذا لاحظ أحد ذلك على تصرف تلك النفس نتيجة أجهاد مفرط لأفراد ضعيفي الإسلام والإيمان، وقد ذكر الدكتور محمد فياض قصة واقعية تبين بالدليل القاطع عدم استخدام الكفرة للعقل الظاهر لوجه حق، وإذا وجه الاستخدام العقلى بوجه حق يكون بالعقل الباطن، حيث ذكر أن إحدى الملحدين تحدى بمناظرة شيخ فقيه بإحدى القرى، فوعده الشيخ بتحديد مكان وميعاد بالقرية على ضفة النهر حيث يعيش بالقرية المجاورة من النهر، وحينما حل الوقت لم يحضر الشيخ الفقيه، وتأخر بما يزيد عن الساعة من الوقت، ثم لاح لهم بمرأى النهر الشيخ بجوف شجرة تم أعدادها كقارب، ليلقى عليهم تحية الإسلام، ويذكرهم إنه وقبل كل شيء مر بحادث غريب وعجيب حدث له بالبر الأخر، فأثناء انتظاره للقارب بعد تأخره كثيراً، وجد بمحض الصدفة شجرة ورائه تطقطق ثم تسقط أفرعها ثم تطفو بالنهر بذلك الشكل الذى يرونه، فأخذت الملحد نوبة قهقهة وهو يصيح هو ده الفقيه بتاعكم، إزاى بتعقلوا كلامه، فقال له الشيخ: وما بقصتي لا يخضع للعقل؟ فقال له الملحد: كيف أصدق أن تلك الشجرة وحدها وبمحض الصدفة طبقاً لكلامك، نزعت أفرعها وتحولت لقارب بذلك الشكل، فقال له الشيخ وكيف أناظرك بأن كل ذلك الكون المهيب وجد بمحض صدفة ولا واجد له.