اللهم صلي على سيدنا محمد
حياته
ولد أبو ماضي في المحيدثة - بكفيا في 8 نيسان 1888. ثمة مراجع تفيد ان ولادته تمت في 21 أيار 1890. لكن تاريخ سفره من لبنان الى الاسكندرية عام 1901 للعمل في متجر خاله، اضافة الى إصداره باكورة دواوينه "تذكار الماضي" عام 1910، يعززان الاستنتاج أنه مولود في 1888، إذ لا يعقل أن يهاجر طفل من قرية لبنانية ليعمل في مدينة مصرية وهو في الحادية عشرة، ناهيك بإصداره ديواناً وهو في الحادية والعشرين. على ذكر الديوان، فإن أبو ماضي نشر معظم قصائده في بعض الصحف الصادرة في الاسكندرية والقاهرة، منها "العلم" و"الاكسبرس". وحشر الباحثون اسم مجلة "الزهور" الادبية التي أصدرها أنطون الجميّل وأمين تقي الدين في القاهرة، في لائحة الدوريات التي نشر فيها أبو ماضي قصائده خلال اقامته في الاسكندرية، من غير أن يكحّلوا عيونهم بصفحات أعدادها. ولو فعلوا ذلك، لتبيّن لهم ان قصيدة "لكن مصراً" التي دشّن بها مساهماته القليلة في "الزهور" بعث بها من الولايات المتحدة بعد عام من هجرته اليها.
استقر أبو ماضي في سنسيناتي أوهايو ليساعد أخاه مراد في العمل التجاري. في المناسبة، كان مراد قدوة لإيليا في الكتابة والتجارة، لكن حتى عام 1917 حين انتقل من أوهايو الى نيويورك، ومن التجارة الى الصحافة ليعمل نائباً لرئيس تحرير جريدة "مرآة الغرب". هنا، أصاب أبو ماضي عصفورين جميلين بحجر واحد. فهو، من جهة، طلّق التجارة بالثلاث لأنها تتناقض تماماً مع "النظم والنثر" على حد تعبيره، متبعاً خطى العديد من الشعراء الخلاّقين، من أمثال الأخطل الصغير الذي اصدر جريدة "البرق"، وأمين نخلة مالك جريدة "الشعب" ورئيس تحريرها. ومن جهة أخرى، "اضطرته" الصحافة الى خوض غمار النثر أسوة، أيضاً، بجلّ الشعراء كالياس أبو شبكة وسعيد عقل. في المناسبة، فإن نثر الشعراء، ومنهم أبو ماضي، لا يقل روعة عن شعرهم.
ومن ايجابيات الصحافة بالنسبة الى ابي ماضي، انها كانت أحد اسباب طلاقه للعزوبية. ذلك ان سعيدة الحظ، دورا، هي ابنة صاحب "مرآة الغرب" ورئيس تحريرها نجيب دياب. وكان له قرص في عرس "الرابطة القلمية"، على تأكيد أحد أركانها عبد المسيح حداد صاحب جريدة "السائح". لكن عضويته في الرابطة لم تحصل عام 1920 كما ينوّه دارسوه، بل عام 1916. ذلك ان الرابطة لم ترَ النور عام 1920 كما يوحي ميخائيل نعيمه في كتابه "سبعون"، بل عام 1916، على ما تؤكد مقالات فرسانها وقصائدهم، ونعيمه لم يكن منهم. لكن انخراط جبران والريحاني والآخرين في العمل السياسي عبر "لجنة تحرير سوريا وجبل لبنان" جمّد نشاط الرابطة حتى عام 1920. وهي حقيقة تأريخية قد أدخل في تفاصيلها الموثقة لمناسبة تأسيس الرابطة بعد أشهر قليلة. كذلك، اشترك أبو ماضي في تأسيس لجنة التحرير، وكان مسؤولاً في هيئتها الادارية.
في 15 نيسان 1919، دخل أبو ماضي نادي أصحاب الصحف، فأصدر العدد الاول من مجلته "السمير". وبخلاف كل الشعراء "الزملاء"، احترف الشاعر أبو ماضي العمل الصحافي الى درجة انه حوّل مجلته في 2 تشرين الثاني 1936 الى جريدة يومية. بالطبع، جاء احترافه للصحافة على حساب خلقه الشعري، وخدمة لإنتاجه النثري. وبقي ابو ماضي ممتطياً حصان الهواية الشعرية والاحتراف الصحافي حتى 13 تشرين الثاني 1957 حين توقف قلبه عن الخفقان اثر نوبة قلبية.